آندرياس برونير من سويسرا

آندرياس برونير من سويسرا آندرياس برونير"، سويسري يعيش في رومانيا لأكثر من خمسة وعشرين عاماً. يأتي من مدينة رياضية، حيث تمرّن يإشراف والده على العديد من الرياضات، من التزلج وحتى التنس. لكنه كان أكثر انجذاباً إلى رياضات السرعة، ولديه خبرة غنية في هذا المجال.

 

وخلال مسيرته المهنية، كان آندرياس برونير الممثل الرسمي لفريق سوزوكي لمدة ثلاث سنوات، كما شارك في العديد من بطولات الدراجات النارية، بما في ذلك منافسة "باريس- داكار" الشهيرة، حيث كان مدرب كل من "موتوكروس motocross" و"إندورو enduro".

"آندي" في حدّ ذاته شخص مثابر، حيث بدأ في سن الواحد والستين رياضة جديدة، هي رياضة هبوط المنحدرات الجبلية بالدراجة. في العام الماضي، وفي بطولة العالم لهبوط المنحدرات الجبلية بالدراجة في "أندورا"، تمكن من اعتلاء المنصة، في المركز الثالث.

وصل إلى رومانيا في التسعينيات من القرن الماضي. وعلى الفور، شعر بقوة بالبيئة الودّية وانفتاح الناس، ومن ثمّ، قرر البقاء. اندمج بشكل كامل في بلده الجديد، تعلم اللغة الرومانية وأسّس أسرة فيها.

"جئت إلى رومانيا برفقة مشروع كبير إلى حد ما، مع شاحنات من أجل سباق "باريس- داكار". كنت جزءاً من فريق مصنع سوزوكي، شاركت في سباق "باريس- داكار" الأخير في التسعينيات وكان لدي علاقات وثيقة مع هذه الرياضة الآلية. لطالما كنت أبحث عن شاحنات أكثر كفاءة، شاحنات مساعدة. اكتشفت وجود مصنع كبير في براشوف، وكان هذا أحد الأهداف التي جئت من أجلها إلى رومانيا. ومنذ ذلك الوقت، في تسعينيات القرن الماضي، ألغت سوزوكي اشتراكها في سباق "باريس- داكار"، بسبب حرب الخليج، ولذلك بقيت بلا عقد عمل. كانت رومانيا بلداً لطالما جذبني منذ أن كنت طفلاً، حيث كنت مهتماً بدول الكتلة الشرقية، لأنه كان يتعذر الوصول إليها، ولم أكن أعرف شيئاً عنها. وُلدت في مدينة رياضية في سويسرا تسمى "ماغلينغن"، وهي مركز رياضي حيث تذهب الفرق الوطنية للتدريب، وكان والدي أحد مؤسسيها. عندما كنت طفلا صغيراً، تمكنت من الوصول إلى جميع الرياضات، مثل التنس والتزلج، لكن قلبي كان منجذباً بقوة إلى الرياضات الآلية. كانت هذه هي الرياضة الوحيدة التي لا توجد في "ماغلينغن"، لكنني تدربت بدنياً بشكل كبير من أجل رياضة الدراجات. لقد زرت وعشت في العديد من الأماكن، عشت لسنوات عديدة في غرب أفريقيا، وفي توغو، وكنت مدرباً وطنياً للدراجات النارية، وقمنا بتنظيم بطولات موتوكروس الوطنية هناك، وسافرنا كثيراً وتواصلنا مع أنماط حياة لا تعد ولا تحصى. عندما اكتشفت رومانيا قلت: واو! لا غير معقول، كان الاكتشاف رائعاً. اكتشفت خطوة بخطوة المنطقة التي أعيش فيها، وكسويسري قادم من الخارج مع بعض المال، انخرطت ضمن مجموعة رجال أعمال.

كان مذهلاً كيف لا نرى الفقر أو المشاكل، لأننا نذهب إلى الحفلات ونعيش حياة جميلة، كان الجميع يحتفلون ويقولون: أن القادم سيكون أفضل، وسوف نجني مالاً وفيراً. كانت رومانيا نوعاً من الجنة الصغيرة، لأن الناس كانوا لطيفين جداً معي حينها. وقتها أنجبت زوجتي ديانا طفلاً صغيراً، "براد"، ومعهما استمرت الحكاية هنا في رومانيا. الآن هو رجل يبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً. ومع ترحالي في رومانيا، عدت إلى الرياضة النشطة، كوني كنت منهكاً جداً، مع عظام مكسورة بعد سباق "باريس- داكار" والسباقات الأخرى. انهمكت بالدراجة، كنوع من رياضة إعادة التأهيل، عدت إلى قوتي مع تطور هذا النوع من رياضة الدراجات الجبلية خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة. تم اختياري من قبل أكبر فريق في رومانيا، "خبراء سباق الدراجات"، وقد جعلت الطبيعة وسباقات الدراجات الجبلية هذه، حياتي جميلة للغاية هنا".

استطاع "آندي برونير" أن يكوّن عدداً كبيراً من الأصدقاء. وقد أصبحت رومانيا بالنسبة له بيته الثاني، ومع معرفته للعديد من البلدان وأنماط الحياة المختلفة، فقد اختار البقاء هنا. لقد تأقلم بسرعة كبيرة مع الواقع الجديد، لأن شيئاً ما جذبه بشكل قوي جداً هنا:

"كنت مهتماً في جزء كبير من حياتي بالروحانيات. هنا، نحن في منطقة ذات طاقة إيجابية، وهو شيء جيد جداً بالنسبة لي. في نهاية كل أسبوع، نذهب في مجموعة كبيرة إلى "كايلي غرادتشتي Cheile Grădiștei"، إلى جبل "ليزير"، إلى " لياوتا"، وهي مناطق كالجنة، بطبيعتها الحقيقة. نقوم بتنظيم سباقات مع أناس يحبون الطبيعة والحيوانات، والذين منحوني هنا في رومانيا، ما لم أره في مكان آخر. وكما تقولون أنتم، إذا كنت تعيش في "بوخارست"، فأنت على بعد ساعتين من البحر، وعلى بعد ساعتين من الجبل، إذا أردتُ التزلج أذهب إلى "سينايا"، وأهبط التلة بالدراجة رغم أن هذه الرياضة هي رياضة خاصة ضمن رياضة ركوب الدراجات الجبلية، ولكن يوجد في "سينايا" بضع مسارات جميلة جداً. لدينا هنل كل شيئ في متناول اليد، المسرح، الوسط القديم، الموسيقا الحية. لدي هنا كل ما يلزمني كي أعيش كما أريد، وأنا سعيد لبقائي في رومانيا منذ التسعينيات".

يمكن القول أن السويسري "آندي برونير" قد أعاد ابتكار نفسه في بلدنا. لم يكن الأمر سهلاً دائماً عليه، وكان عليه أن يتجاوز مرحلة صعبة جداً، بسبب عدم التفاهم حول عقد بناء الشاحنات، التي جاء من أجلها إلى رومانيا. لكنه ترك استياءه جانباً واختار أن يكون متفائلاً ومثابراً، والنظر إلى الجانب المليء من الكأس، كما يحب أن يقول. ماذا تعني رومانيا له، وما هو الشيء الذي يعجبه أكثر؟  

" إنه هذا المزيج، إذا أردتم وصفه بكلمة واحدة: الحياة. هذا البلد على قيد الحياة، ويمكنني إجراء مقارنة كبيرة مع سويسرا. في الوقت الحالي، أجريت عملية جراحية لكتفي، وأضع لوحة معدنية. لقد أجريت العديد من العمليات الجراحية في سويسرا أيضاً، لذلك يمكنني المقارنة. الناس في سويسرا أكثر تعليماً، وأكثر انضباطاً، ولهذا السبب يعيشون بشكل أقل توتراً. أن أعرف أنني سأصبح متقاعداً بعد أكثر من عام، أو أن لدي راتبي سيكون بهذا القدر، أو أنني سأشتري سيارة محددة، أو أنني سأجري تعديلاً في المنزل بعد خمس سنوات – كل ذلك منظم، وماهو ليس ضرورياً فهو ممنوع. هنا في رومانيا، ما يزال كل شيء كأنك في ورشة للعمل، فلا تعرف بالضبط ما سيكون عليه الأمر في غضون خمس سنوات، أما بالنسبة لحياتي فهي في حركة دائمة. لكنني في الوقت تفسه أرى الجانب الفارغ من الكأس، زوجتي هي طبيبة أسرة، ونرى معاً ما يحدث في بعض الأسر، بسبب النقص في الحماية الاجتماعية، وهو أمر ليس جيداً على الإطلاق. هناك مجال كبير من أجل مستقبل أفضل، ولكن بشكل ما علينا جميعاً دفع الأمور في هذا الاتجاه. هناك العديد من الأشياء التي تؤلمني، لكني أعتقد أنك لا يمكن أن تكون لك حياة دون موت، لا يمكن أن يكون مصيرك مميزاً دون مخاطر، وهذا الخليط الموجود هنا، يعني بالنسبة لي الحياة. "


www.rri.ro
Publicat: 2019-02-08 16:07:00
Vizualizari: 1229
TiparesteTipareste