ولدت "نيرمين رزق الله" في مصر، واستقرت في رومانيا منذ نحو ثماني سنوات. تلقت تعليمها في بلدان عديدة: في الكويت، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وفي "بريتوريا" و "كايب تاون" في جنوب أفريقيا، وبعدها في بوخارست حيث تعيش الآن.
نيرمين رزق الله أصبحت مدرّسة للغة الإنكليزية في المجلس الثقافي البريطاني، بعد أن حاضرت في بلدان عديدة. تُحدّثنا كيف ومتى جاءت إلى رومانيا.
"انتقلتُ إلى رومانيا في عام ألفين وعشرة، تزوجت من روماني وهو الذي جاء بي إلى هنا. تعرفنا على بعضنا في أفريقيا الجنوبية، وقد عملنا حفلتي زواج: الأولى مدنية هنا في رومانيا، والأخرى دينية في مصر. عشنا بعدها مدة عام في أفريقيا الجنوبية، وبعدها قررنا الاستقرار في رومانيا في عام ألفين وعشرة، ومنذ ذلك الوقت أنا موجودة هنا".
تملك "نيرمين" خبرة التنقل والتأقلم مع ثقافات جديدة، ومع ذلك، مثلت رومانيا نوعاً من التحدي بالنسبة لها، خاصة فيما يتعلق بالمناخ ودرجات الحرارة المنخفضة، التي لم تعتد عليها من قبل. وبمرور الوقت، نجحت في التغلب على الظروف غير الملائمة، واستطاعت التأقلم، كما وجدت مكاناً للعمل، وكوّنت أصدقاء جدد، وبدأت تحس "بوخارست" كوطنها الأم.
" كي أكون صريحة، عندما وصلت أول مرة إلى هنا في عام ألفين وعشرة، لم أحب المكان على الإطلاق. وصلت في نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر)، كان البرد قارساً، وما زلت لا أحب المناخ إلى حد بعيد، وأعتقد باستمرار أنه الشيء الأكثر إزعاجاً هنا. أكره باستمرار البرد، لم أستطع التأقلم حتى الآن، كوني عشت طوال حياتي في بلدان حارة، أنا مولودة في مصر، ولا أحب الثلج والبرد مطلقاً، لا يتحدث أحد معي في فصل الشتاء. كان هذا هو أصعب شيء لتخطيه عندما وصلت إلى هنا، التأقلم مع البرد. وفيما بعد، كان من الصعب على النجاح من دون معرفة اللغة، لكني أعتقد أن الأمور تغيرت، لأن كثيراً من الناس يتحدثون اللغة الإنكليزية الآن. في عام ألفين وعشرة، عندما انتقلنا، لم يكن هناك العديد من الرومانيين الذين يتحدثون الإنجليزية، وكان ذلك صعباً. لم أكن أعمل حينها، كنت أعطي دروس اللغة الإنجليزية عبر الشبكة الإلكترونية، لكن لم يكن لدي وظيفة ثابتة. تقدمت إلى وظائف عديدة، وحصلت على الوظيفة في تشرين الثاني (ديسمبر)، لم يستغرقني الأمر طويلاً كي أتوظف، حيث بدأت العمل في المركز الثقافي البريطاني، كمدرسة للغة الإنكليزية بنصف دوام، وبقيت هناك. أعمل الآن كمدرسة بدوام كامل هناك، وأنا الآن في إجازة الأمومة. أعتقد أن الانتقال إلى مكان جديد شيء صعب بالنسبة للجميع، لكن حقيقة أني اشتغلت، وتعرفت على الناس، وتعلمت اللغة قليلاً، وتعودت نوعاً ما على المدينة، كما أنني تجولت كثيراً – فزوجي يسافر كثيراً ضمن البلد – وبالتالي فقد زرت الكثير من الأماكن في هذا البلد الجميل، تنقلت كثيراً بالسيارة، وبدأت أحب الحياة هنا أكثر فأكثر. أشعر بالشوق المستمر لعائلتي، لأصدقائي القدامى، لكنني تعودت على ذلك، لأنني تنقلت مرات كثيرة. بالتأكيد، كونت العديد من الأصدقاء الجيدين هنا، وأعتقد أن الحديث لايدور هنا حول المكان الذي تتواجدين فيه، ولكن حول مدى نجاحك فيما تصنعين منه، وحول نوعية الناس الذين تنجحين في جمعهم حولك، بغض النظر عن مكان تواجدك، فطالما لديك أصدقاء جيدين، وتشعرين بشكل جيد هناك، يمكن أن تحصلي على حياة ممتازة".
بالنسبة لـ "نيرمين"، تسير الحياة الآن بين بلدين وثقافتين مختلفتين. بعيداً عن العائلة والأصدقاء المقربين في الموطن الأصلي، مايزال هناك شيء هام تفتقده وتشتاق إليه.
"الطعام، على الرغم من وجود مطاعم لبنانية وتركية كثيرة، حيث يمكنك طلب الطعام الذي يشبه قليلاً أو كثيراً الطعام المصري، أعتقد أن المطبخ الروماني يعتمد كثيراً على اللحم، أما بالنسبة لي، فأنا لست من محبي اللحوم، ولكن أفضل السلطات، والصلصات، لكن ما أفتقده حقاً هو الطعام المنزلي".
يوجد في رومانيا العديد من الأشياء التي تقدرها "نيرمين". سألتها عن الأشياء التي يمكن أن تأخذها معها إلى عائلتها في مصر، وما هو أكثر شيء تحبه في رومانيا.
"أحب كثيراً السيراميك الروماني، وبشكل خاص ذاك المصنوع في "هوريزو"، وقد أخذت معي إلى مصر، العديد من الهدايا المصنوعة من السيراميك، إنها رائعة. أحب كثيراً المصنوعات الرومانية. عندما وصلت إلى هنا، كنت أدرّس اللغة الإنجليزية للبالغين، ومع الوقت ازداد اهتمامي بتعليم الصغار، لاعتقادي أن هؤلاء الصغار يحبون التعلم كثيراً. وكلما كانوا يافعين، كلما كانت الحصص ممتعة. أحب بعمق أن أعمل في المركز الثقافيالبريطاني، أن أدرّس اللغة الإنجليزية للصغار، وأن أنشئ علاقات مع أناس بأعمار مختلفة".
"بوخارست" مدينة متطلبة، لكنها توفر في نفس الوقت العديد من الفرص. تحب "نيرمين" الحدائق، وتتمنى لو أنها أكثر خضرة وأكثر هدوءاً. ماالذي تريده أن يتغير في رومانيا؟
"لست مهتمة بالسياسة، لكني أسمع من الناس حولي الكثير من النقاشات حول النظام السياسي، وحول كيفية إدارة البلد، حول الفساد والذي أعتقد أنه موضوع مهم، حيث يريد معظم الناس أن يحصل تغير فيه. بعيداً عن هذا، أرغب في وجود تحسن في الخدمات وازدحاماً أقل، والذي سيكون من الصعب جداً تحقيق تقدم فيه، بسبب العدد المتزايد من السيارات في "بوخارست" ولعدم وجود مساحات كافية من أجل توسيع الطرقات، أو لإنشاء طرقات جديدة".
تتغير الحياة في رومانيا باستمرار، حيث تلاحظ "نيرمين" هذه التغيرات من عام إلى آخر. سأتها فيما إذا كانت ستبقى هنا ، أو أنها تخطط للانتقال إلى مكان آخر في المستقبل؟
"أرى الآن العديد من المغتربين في رومانيا، على الأقل في "بوخارست"، كما يتكلم العديد من الرومانيين اللغة الإنجليزية، كما تجد في المتاجر الكثير من السلع مقارنة بالفترة التي وصلت فيها إلى هنا، المدينة أكثر ازدحاماً، و لا أعتقد أن الوضع سيتغير. لقد حصلت تغييرات هائلة، بالتأكيد، لقد تطور العديد من القطاعات، وهذا واضح. في الوقت الحالي، نحن سعداء هنا، ولكن لا يمكننا أن نعرف ماذا تخبئ لنا الحياة. لن نذهب بعيداً مع الطفل الذي ننتظر قدومه، وبالتأكيد سنعيش هنا، على الأقل في السنتين القادمتين".
روابط مفيدة
Copyright © . All rights reserved